من كنوز القديس القمص بيشوي كامل - الله يقدم لنا ذاته ليجتاز معنا ساعة سلطان الظلمة

في هذا اليوم يقترب بنا الرب إلى نهاية الرحلة، فيقدم لنا أقصى درجات حبه؛ يقدم لنا جسده المكسور، وعرقه، ودمه، ودموعه، وصلواته، وسهره، وغسله لأرجلنا..
+ حب المسيح لنا في هذه الليلة وصل إلى أعلى درجاته، فتحول إلى شهوة أن يكسر ذاته ويطعم تلاميذه.. حتى ذلك التلميذ الخائن!!
+ لم يكتف الرب أن يكون الصليب منبعا للشفاء والغفران والخلاص، بل أراد أن يكون جسده لنا طعاما؛ لك المجد يارب!!
+ لقد تمجد المسيح بعد أن أعطى اللقمة ليهوذا (يو١٣: ٣٠-٣١).. إنه لم يتمجد فقط على الصليب وفي القيامة، بل عندما غسل أرجل التلميذ الخائن، وأطعمه بيده الطاهرة.
فالمجد الحقيقي هو أن نتمم رسالة المحبة إلى النهاية.
+ العجيب أنه عندما أعطاه الرب اللقمة دخله الشيطان.. وهذا يؤكد لنا أن هذا الجسد خطير في فعله؛ فهو مصدر حياة للقلوب المؤمنة، ومصدر هلاك للقلوب الخائنة.
+ والعجيب أن الحنان الفائق من الرب لم يغير قلب يهوذا، لأنه كان تحجر بحب المال. ألم تقل لنا الكنيسة في بداية الصوم -في بداية الرحلة- أن لا نعبد ربين، الله والمال.. هذه هي النتيجة المؤسفة لدخول محبة المال للقلب.
+ قدم الرب لنا صلاة، وأمامه كأس خطايانا. وهذا الكأس لا يمكن وصفها، فهي كأس الموت.. كأس نجاسات العالم التي سيشربها الرب القدوس الطاهر..
+ من أجل هذه الكأس صلى يسوع؛ صلى من أجلنا ليجتاز بنا ساعة سلطان الظلمة (لو٢٢: ٥٣).. إنه صلى، وأمرنا أن نصلي، لنجتاز ساعة سلطان الظلمة، ولا نقع في تجربة. نصلي، فكل شيء سينتهي لخير الجميع. الرب يرجونا أن نصلي لكي لا ندخل في تجربة، ونجتاز ساعة سلطان الظلمة.
+ هذه الصلاة كانت لحساب التلاميذ والكنيسة عبر كل الأجيال.. إن الكنيسة لن تنال انتصارتها على الشيطان رئيس هذا العالم إلا بالصلاة.. بالعرق والدم.
هذا هو سر عظمة كنيستنا، أنها معجونة بالدمع والدم..
+ إن الصلاة والعرق والدم.. قدمه الرب بأكثر اشتياق. هذا إحساس الذي يحمل المسؤولية إلى النهاية، إلى الدم. ليست الصلاة أمامه عبئا بل أشواقا وشهوة..
+ إن القوة في المسيحيّة ليست قوة السيف، ولكنها قوة الإيمان والصلاة.. إن قوة السيف تنهار أمام الجارية، أما قوة الإيمان فتعبر التجربة بالصلاة.
القديس القمص بيشوي كامل
نبذة: الرحلة من أورشليم إلى الجلجثة