الصليب والقيامة في سِفر الرؤيا

سفر الرؤيا هو سِفر فريد من نوعه.. يقدِّم لنا السيّد المسيح بصورة مجيدة، فهو الغالب للموت، المذبوح من أجل كنيسته لكي يشتريها بدمه، من أجل أن تتمتّع معه بالأمجاد السمائيّة..

لذلك نجد في هذا السِّفر الكثير من الإشارات للسيّد المسيح كحَمَل مذبوح قائم، بِكر من الأموات.. وإشارات أخرى لدمه الذي غسّلنا من خطايانا، وبيّضنا فيه ثيابَنا.. وإشارات أخرى عن غلبته للموت على الرغم من بقاء آثار الذبح والجروح والطعن في جسده.. علامةً على قوّته اللانهائيّة التي غلبَتْ الموت وداست على سلطانه، ووهبَتْ حياةً جديدة لكلّ مَن يثبت في محبّته..!

سنعرِض في هذا المقال بعض أمثلة من آيات سِفر الرؤيا عن المسيح المذبوح لأجلنا والغالب لحسابنا، مع تعليقات بسيطة على بعضها، لنفهم قليلاً حجم عمل المسيح الخلاصي لأجلنا، ونتلامس مع حبّه الهائل الذي كلّفه الكثير لكي يشترينا بدمه الكريم ويَضُمّنا لعضويّة ملكوته المُفرِح:

 

+ 1: 5-7: "وَمِنْ يَسُوعَ الْمَسِيحِ الشَّاهِدِ الأَمِينِ، الْبِكْرِ مِنَ الأَمْوَاتِ، وَرَئِيسِ مُلُوكِ الأَرْضِ: الَّذِي أَحَبَّنَا، وَقَدْ غَسَّلَنَا مِنْ خَطَايَانَا بِدَمِهِ، وَجَعَلَنَا مُلُوكًا وَكَهَنَةً للهِ أَبِيهِ، لَهُ الْمَجْدُ وَالسُّلْطَانُ إِلَى أَبَدِ الآبِدِينَ. آمِينَ. هُوَذَا يَأْتِي مَعَ السَّحَابِ، وَسَتَنْظُرُهُ كُلُّ عَيْنٍ، وَالَّذِينَ طَعَنُوهُ، وَيَنُوحُ عَلَيْهِ جَمِيعُ قَبَائِلِ الأَرْضِ. نَعَمْ آمِينَ."

هذه من آيات المقدّمة، التي تَصِفّ السيّد المسيح بأنّه باكورة قيامة الأموات، وقد أحبّنا وغسّلنا من خطايانا بدمه، وهو الذي سيأتي في يوم الدينونة، وسيعرفه الجميع..

+ 1: 17-18: "فَلَمَّا رَأَيْتُهُ سَقَطْتُ عِنْدَ رِجْلَيْهِ كَمَيِّتٍ، فَوَضَعَ يَدَهُ الْيُمْنَى عَلَيَّ قَائِلاً لِي:«لاَ تَخَفْ، أَنَا هُوَ الأَوَّلُ وَالآخِرُ، وَالْحَيُّ. وَكُنْتُ مَيْتًا، وَهَا أَنَا حَيٌّ إِلَى أَبَدِ الآبِدِينَ! آمِينَ. وَلِي مَفَاتِيحُ الْهَاوِيَةِ وَالْمَوْتِ."

يؤكِّد السيد المسيح هنا أنّه الله الأول والآخِر، وهو الذي تجسّد ومات وقام.. وكلّ شيء تحت سلطانه.

+ 2: 8: "وَاكْتُبْ إِلَى مَلاَكِ كَنِيسَةِ سِمِيرْنَا:«هذَا يَقُولُهُ الأَوَّلُ وَالآخِرُ، الَّذِي كَانَ مَيْتًا فَعَاشَ.."

هذه إشارة واضحة للصليب والموت والقيامة..

+ 3: 21: "مَنْ يَغْلِبُ فَسَأُعْطِيهِ أَنْ يَجْلِسَ مَعِي فِي عَرْشِي، كَمَا غَلَبْتُ أَنَا أَيْضًا وَجَلَسْتُ مَعَ أَبِي فِي عَرْشِهِ."

هذه أيضًا إشارة إلى غلبة الموت، والقيامة والصعود والجلوس عن يمين الآب.

+ 5: 6: "وَرَأَيْتُ فَإِذَا فِي وَسَطِ الْعَرْشِ وَالْحَيَوَانَاتِ الأَرْبَعَةِ وَفِي وَسَطِ الشُّيُوخِ خَرُوفٌ قَائِمٌ كَأَنَّهُ مَذْبُوحٌ، لَهُ سَبْعَةُ قُرُونٍ وَسَبْعُ أَعْيُنٍ، هِيَ سَبْعَةُ أَرْوَاحِ اللهِ الْمُرْسَلَةُ إِلَى كُلِّ الأَرْضِ. فَأَتَى وَأَخَذَ السِّفْرَ مِنْ يَمِينِ الْجَالِسِ عَلَى الْعَرْشِ. وَلَمَّا أَخَذَ السِّفْرَ خَرَّتِ الأَرْبَعَةُ الْحَيَوَانَاتُ وَالأَرْبَعَةُ وَالْعِشْرُونَ شَيْخًا أَمَامَ الْخَروفِ، وَلَهُمْ كُلِّ وَاحِدٍ قِيثَارَاتٌ وَجَامَاتٌ مِنْ ذَهَبٍ مَمْلُوَّةٌ بَخُورًا هِيَ صَلَوَاتُ الْقِدِّيسِينَ. وَهُمْ يَتَرَنَّمُونَ تَرْنِيمَةً جَدِيدَةً قَائِلِينَ:«مُسْتَحِق أَنْتَ أَنْ تَأْخُذَ السِّفْرَ وَتَفْتَحَ خُتُومَهُ، لأَنَّكَ ذُبِحْتَ وَاشْتَرَيْتَنَا للهِ بِدَمِكَ مِنْ كُلِّ قَبِيلَةٍ وَلِسَانٍ وَشَعْبٍ وَأُمَّةٍ، وَجَعَلْتَنَا لإِلهِنَا مُلُوكًا وَكَهَنَةً...

هنا القديس يوحنا يرى الرب يسوع على هيئة خروف قائم حيّ ولكنّ فيه علامات الذّبح.. القرون السبعة إشارة لكمال القوّة، والأعين السبعة إشارة لكمال الحكمة والمعرفة.. وهو الوحيد المستحِق والقادر أن يفتح صفحة جديدة في سِفر حياة البشر بتجسُّدِه وفدائه الذي تمّمه بدمه على الصليب، فاشترانا لله، وجعلنا أعضاء في مملكته (ملوكًا)، ومُكرَّسين له (كهنةً).

+ 7: 14: "هؤُلاَءِ هُمُ الَّذِينَ أَتَوْا مِنَ الضِّيقَةِ الْعَظِيمَةِ، وَقَدْ غَسَّلُوا ثِيَابَهُمْ وَبَيَّضُوا ثِيَابَهُمْ فِي دَمِ الْخَرُوفِ.... لأَنَّ الْخَرُوفَ الَّذِي فِي وَسَطِ الْعَرْشِ يَرْعَاهُمْ، وَيَقْتَادُهُمْ إِلَى يَنَابِيعِ مَاءٍ حَيَّةٍ، وَيَمْسَحُ اللهُ كُلَّ دَمْعَةٍ مِنْ عُيُونِهِمْ."

هذا منظر المفديّين، وهم بثيابٍ العُرس البيضاء، يُزَفُّون للعريس المسيح في السماء.. بعد أن تابوا وغسّلوا ثيابهم في دم يسوع المسفوك لأجلهم على الصليب.. وهو يعزّيهم بتعزياته الحلوة ويغمرهم بمحبّته وغِناه..

+ 12: 10: "وَسَمِعْتُ صَوْتًا عَظِيمًا قَائِلاً فِي السَّمَاءِ:«الآنَ صَارَ خَلاَصُ إِلهِنَا وَقُدْرَتُهُ وَمُلْكُهُ وَسُلْطَانُ مَسِيحِهِ، لأَنَّهُ قَدْ طُرِحَ الْمُشْتَكِي عَلَى إِخْوَتِنَا، الَّذِي كَانَ يَشْتَكِي عَلَيْهِمْ أَمَامَ إِلهِنَا نَهَارًا وَلَيْلاً. وَهُمْ غَلَبُوهُ بِدَمِ الْخَرُوفِ وَبِكَلِمَةِ شَهَادَتِهِمْ، وَلَمْ يُحِبُّوا حَيَاتَهُمْ حَتَّى الْمَوْتِ."

هذه الكلمات تكشف كيف نستطيع أن ننتصر على الشيطان.. عن طريق التمتّع بفاعليّة دمّ المسيح وكلامه المُحيي، مع الثبات في محبّته حتّى الموت.

+ 17: 14: "هؤُلاَءِ سَيُحَارِبُونَ الْخَرُوفَ، وَالْخَرُوفُ يَغْلِبُهُمْ، لأَنَّهُ رَبُّ الأَرْبَابِ وَمَلِكُ الْمُلُوكِ، وَالَّذِينَ مَعَهُ مَدْعُوُّونَ وَمُخْتَارُونَ وَمُؤْمِنُونَ»."

ما أجمل أنّ إلهنا يحارب معركتنا، كحَمَل وديع ولكنّه أقوى من كلّ أعدائنا.. والانتصار به أكيد من خلال قبول دعوته لحمل الصليب، والإيمان بقدرته اللانهائيّة، والثبات في محبّته الفائقة..

+ 19: "ثُمَّ رَأَيْتُ السَّمَاءَ مَفْتُوحَةً، وَإِذَا فَرَسٌ أَبْيَضُ وَالْجَالِسُ عَلَيْهِ يُدْعَى أَمِينًا وَصَادِقًا، وَبِالْعَدْلِ يَحْكُمُ وَيُحَارِبُ. وَعَيْنَاهُ كَلَهِيبِ نَارٍ، وَعَلَى رَأْسِهِ تِيجَانٌ كَثِيرَةٌ، وَلَهُ اسْمٌ مَكْتُوبٌ لَيْسَ أَحَدٌ يَعْرِفُهُ إِّلاَ هُوَ. وَهُوَ مُتَسَرْبِلٌ بِثَوْبٍ مَغْمُوسٍ بِدَمٍ، وَيُدْعَى اسْمُهُ «كَلِمَةَ اللهِ». وَالأَجْنَادُ الَّذِينَ فِي السَّمَاءِ كَانُوا يَتْبَعُونَهُ عَلَى خَيْل بِيضٍ، لاَبِسِينَ بَزًّا أَبْيَضَ وَنَقِيًّا. وَمِنْ فَمِهِ يَخْرُجُ سَيْفٌ مَاضٍ لِكَيْ يَضْرِبَ بِهِ الأُمَمَ. وَهُوَ سَيَرْعَاهُمْ بِعَصًا مِنْ حَدِيدٍ، وَهُوَ يَدُوسُ مَعْصَرَةَ خَمْرِ سَخَطِ وَغَضَبِ اللهِ الْقَادِرِ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ. وَلَهُ عَلَى ثَوْبِهِ وَعَلَى فَخْذِهِ اسْمٌ مَكْتُوبٌ:«مَلِكُ الْمُلُوكِ وَرَبُّ الأَرْبَابِ»."

هذا الوصف الواضح والرائع لربنا يسوع المسيح مخلّصنا وفادينا، يكشف كيف أنّه يقودنا في موكب نصرته، ويحمينا بقوّته، ويدوس أعداءنا.. وكيف أنّه دخل في معركة شرسة مع رئيس هذا العالم لحسابنا، حتّى تَخَضَّب ثوبُهُ بالدم، من أجل أن يشترينا لملكوته، ويمنحنا ثيابًا بيضاء نقيّة نُزَفّ بها له في مجدٍ سماويّ..!