مقالات جميلة كتبها القدّيس القمّص بيشوي كامل (31) هنا تُبنَى الكنيسة

    كان عام 1975م الماضي، "عام المرأة العالمي".. وفي بداية عام 1976م، كُنّا في اجتماع الخُدّام، وكان بيننا نيافة الأنبا مرقس أسقف طولون (بفرنسا)، ودار الحديث حول أمور كثيرة.

    ولكنّنا أحسسنا أنّ الروح القدس يقودنا إلى قرار هامّ جدًّا، وهو أن يكون عام 1976م هو: "عام المحبّة".

    والذي دفعنا لذلك، أنّنا أحسسنا أنّ المحبّة هي سلاح المسيحي، والذي يُلقي سلاحه يكون قد فقد خلاصه.

    حدود المحبّة هي ما لا نهاية.. لأنّ الله محبّة.. فتحبّ قريبك كنفسك.. قريبك هو أيّ إنسان من كلّ جنس ودين (مَثَل السامري الصالح - لو10: 30-37).

    تُحِبّ عدوّك، وتُبارِك لاعنك، وتُحسِن إلى مُبغِضَك.. وإن لم تَقدِر أن تَصنَع هذا، فصَلِّ لأجل الذي يسيء إليك (مت5: 44).

    وهذا الجزء الرابع من وصيّة المحبّة، في قُدرة كلّ واحد مِنّا، لأنّها تنقلنا من مواجهة الإنسان، إلى الوقوف أمام الله (عن كتاب "حياة الصلاة")، والمحبّة لا تَسقُط أبدًا لأنّ الله محبّة.

    والذي لا يُحِبّ أخاه، لم يعرف الله، لأنّ الله محبّة.

    فالمسيحيّة كلّها محبّة.. لا تعرِف الكراهية، ولا الحِقد، ولا الحسد، ولا العنصريّة، ولا الطائفيّة، ولا حُبّ الانتقام.

    المحبّة هي علامة كنيسة المسيح..

* يقول التلمود:

    "إنّ سليمان الحكيم أراد أن يَبني الهيكل، وبَحَثَ عن مكان، فلم يعجبه إلاّ مكان ما. وقصّة هذا المكان أنّه كان يوجَد أخَوان قَسَّما محصول الأرض إلى كومين. ثمّ في الظلام، يقوم الأكبر وينقل جزءًا من كومته إلى كومة أخيه، ويقول: أخي أكثر احتياجًا مِنّي. وبالمِثل يفعل الأخ الأصغر، ويقول: أخي له أولاد، وهو أكثر احتياجًا مِنّي. وبذلك يظلّ الكومان متساويَين. وفي إحدى الليالي بينما كانا يعملان هذا العمل، تَقَابَلا في الطريق وتعانَقا.. هنا مكان المحبّة.. هنا تُبنى الكنيسة."

    فلنُصَلِّ من أجل عام 1976م، ليكونَ عام المحبّة بين الخُدّام والمخدومين، ويَستُر كلّ واحد عيوب أخوته، أي يَغسِل أرجلهم كوصيّة المسيح. فالكنيسة الخالية من المحبّة يضحك بها الشيطان.

    لقد كان القس إسحق يُصلّي القدّاس ذات يوم، ونظر من طاقة جانبيّة، فوجد الشيطان يهزأ به، ويقول له:

    "لقد صرتَ مثلنا.. فتصلّي القدّاس، وبينك وبين أخيك خصام!!" (عن كتاب الأنبا مقار).

    الخلاف بين الخُدّام (كاهن - شمامسة - لجنة - خُدّام مدارس الأحد) يجعل الشيطان يَضحَك بهم.. لأنّهم فقدوا المحبّة، فقدوا الله!!

    وأنت يا أخي، صَلّ من أجل المحبّة في الكنيسة، بوحدانيّة الروح.. المحبّة في بيتك، وأسرتك، ومدرستك، وكلّ مكان تعرفه.

القمص بيشوي كامل

(هذه المقالة تمّ نشرها في مجلّة "صوت الراعي" عدد فبراير 1976م)

+ + +

هذه المقالة هي الأخيرة من هذه السلسلة؛ وإلى اللقاء مع سلسلة جديدة من كلمات ذهبيّة لأبينا الحبيب القدّيس القمّص بيشوي كامل، بركة صلواته تكون معنا. آمين.

* الصورة لأبينا القدّيس القمّص بيشوي كامل، جالسًا على الأرض، في الهيكل بالكنيسة المرقسيّة، أثناء القراءات في قدّاس سيامة القس ميخائيل عزيز، وهو آخِر كاهن تمّ سيامته على يديه لكنيسة مارجرجس سبورتنج. 3 سبتمبر 1978م.