الوصايا المتناقضة

    هي عشر وصايا كتبها الكاتب الأمريكي “كينت كيث Kent M. Keith” سنة 1968 وحوّلها عام ٢٠٠٢م إلى كتاب سمّاه “على أيّة حال” “Anyway” والذي تربّع على قائمة أكثر الكتب مبيعًا في أمريكا في تلك الفترة ولفترات طويلة.

وقد تمّ ترجمة هذه الوصايا إلى العديد من اللغات، فلفتت انتباه العالم، وتحوّلت إلى مُلصَقَات، وعُلِّقَت على الحوائط والأبواب.

* هذه هي الوصايا:

   ١- الناس غير منطقيّين، ولا تهمّهم إلاّ مصلحتهم، أحِبّهم على أيّة حال.

   ٢- إذا فعلت الخير، سيتّهمك الناس بأنّ لك دوافع أنانية خفيّة، افعل الخير على أيّة حال.

   ٣- إذا حقّقتَ النجاح، سوف تكسب أصدقاءَ مزيّفين وأعداءَ حقيقيّين، اِنجَحْ على أيّة حال.

   ٤- الخير الذي تفعله اليوم، سوف يُنسى غدًا، افعَل الخير على أيّة حال.

   ٥- إنّ الصدق والصراحة يجعلانك عُرضة للانتقاد، كُن صادقًا وصريحًا على أيّة حال.

   ٦- إنّ أعظم الرجال والنساء الذين يَحملون أعظم الأفكار، يمكن أن يوقفهم أصغر الرجال والنساء الذين يملكون أصغر العقول، احمِل أفكارًا عظيمة على أيّة حال.

   ٧- الناس يُحبّون المستضعَفين، لكنّهم يتبعون المستكبرين، جاهِد من أجل المستضعَفين على أيّة حال .

   ٨- ما تُنفق سنواتٍ في بنائه، قد ينهار بين عشيّة وضُحاها، ابنِ على أيّة حال.

   ٩- الناس في أمَسّ الحاجة إلى المساعدة، لكنّهم قد يهاجمونك إذا ساعدتهم، ساعدهم على أيّة حال.

   ١٠- إذا أعطيت العالم أفضل ما لديك، سيردّ عليك البعض بالإساءة، أعطِ العالم أفضل ما لديك على أيّة حال .

    من خلال هذه الوصايا العجيبة، والتي نَلمَح أساساتها الإنجيليّة الواضحة، يمكننا أن نَفهم التالي:

    أوّلاً: نحن نتصرّف على أساس مبادئنا، وليس على أساس استحقاق الناس أو ردّ فعلهم؛ ومبادئنا هي وصايا إلهنا وملكنا المسيح.

    ثانيًا: نحن نتعامل مع الله أوّلاً وأخيرًا؛ نرى الله في الناس، ونخدمه فيهم، ولا ننتظر المكافأة إلاّ منه هو، وليس أبدًا من الناس.

    ثالثًا: إذا أتانا التقدير والشكر من الناس نتيجة خدمتنا لهم، أو لم يأتِ لنا إلاّ الجحود، فهذا لن يوقِفنا أبدًا عن مواصلة عمل الصلاح بكلّ تواضُع وصِدق.

    رابعًا: الناس ضعفاء، مهما كانت مناصبهم أو بلغ سلطانهم؛ لذلك ليس من الصواب أن نضع رجاءنا فيهم، بل فقط نَعذرهم ونرثي لهم، ونلتمس لهم مراحم الله ونعمته، ولا نتأثّر بتصرّفاتهم أو بردود أفعالهم.

    خامسًا: الله هو ينبوع الخير والصِّدق والمحبّة؛ فكلّما انفتحنا عليه، ونَمَتْ علاقتنا الشخصيّة معه، كلّما كان فِعلُنا للخير وشهادتنا للحقّ وتقديمنا للحُبّ سلوكيّات تِلقائيّة، وثمارًا طبيعيّة في حياتنا.

    سادسًا: الحياة الأبديّة تُعطِي معنى لكلّ أعمالنا الأرضيّة، وبدونها تفقد حياتنا الأرضيّة طعمَها وقيمتَها، ويصير الكلّ باطلًا وقبضَ الريح. ونشكر الله أنّه جعل نور الحياة الأبديّة في قلب كلّ البشر منذ بداية خِلقتهم، كما قيل عنه أنّه "صَنَعَ الْكُلَّ حَسَنًا فِي وَقْتِهِ، وَأَيْضًا جَعَلَ الأَبَدِيَّةَ فِي قَلْبِهِمِ، الَّتِي بِلاَهَا لاَ يُدْرِكُ الإِنْسَانُ الْعَمَلَ الَّذِي يَعْمَلُهُ اللهُ مِنَ الْبِدَايَةِ إِلَى النِّهَايَةِ" (جا3: 11).

    سابعًا: مَن له رؤية واضحة للمستقبل، يزرع الخير والحُبّ، ويبني ويخدم ويُعطِي، بصرف النظر عن حجم النتائج وموعِدها.. فهو واثق أنّ ما يفعله لا يضيع عند الله أبدًا، بل إنّ أعماله هي بمثابة شركة في العمل مع الله الآب المُحبّ للبشر صانع الخيرات، وكشف عن نور المسيح الذي يملأ القلب، وثمار طبيعيّة لعمل الروح القدس الحيّ فيه، فإنّ "الإِنْسَانُ الصَّالِحُ مِنْ كَنْزِ قَلْبِهِ الصَّالِحِ يُخْرِجُ الصَّلاَحَ" (لو6: 45).