بمناسبة إنجيل الأحد الرابع من شهر بابه: إقامة ابن الأرملة بنايين

    هذه المُعجِزة العظيمة، مذكورة فقط في إنجيل معلّمنا القدّيس لوقا (لو7: 11-17)، ويُعلّق عليها القدّيس كيرلّس الكبير تعليقًا جميلاً.. أقتطف منه لحضراتكم في هذا المقال بعض الفقرات:

    + في المعجزة السابقة، وهي شفاء عبد قائد المئة (لو7: 1-10)، حضر هناك بناءً على دعوة، أمّا في هذه المعجزة، فإنّه يقترب بدون أن يُدعَى، إذ لم يدعوه أحد أن يُعيد الإنسان الميّت إلى الحياة، بل هو يأتي ليفعل هذا من تلقاء نفسه. ويبدو لي أنّه قَصَدَ أن يصنع هذه المعجزة..

    + كان الإنسان الميّت في طريقه للدفن، وكان أصدقاء كثيرون يُشَيِّعونه إلى قبره، ولكن هناك يقابله "الحياة والقيامة"، وأعني "المسيح" نفسه؛ لأنّه هو مُحَطِّم الموت والفساد، وهو الذي "به نحيا ونتحرّك ونوجَد" (أع17: 28). هو الذي أعاد طبيعة الإنسان إلى ما كانت عليه أصلاً. فهو الذي حرّر جسدنا المشحون بالموت من رباطات الموت.

    + أولئك الأشخاص الذين أُعيدوا إلى الحياة بقوّة المسيح، نتّخذهم كعربون للرجاء المُعَدّ لنا، بقيامة الأموات.. وهذه الحقيقة سبق أن بشَّر بها جماعة الأنبياء القدّيسين، لأنّ إشعياء المبارك يقول: "الموتى سيقومون، وأولئك الذين في القبور سيعودون إلى الحياة، لأنّ الطَّلّ الذي مِنكَ يشفيهم" (إش26: 19 سبعينيّة)، لأنّه يَقصِد بالطلّ فاعليّة المسيح المُعطية الحياة، التي هي بواسطة الروح القدس.

    + المرنّم يشهد.. "تُرسِل روحك فتُخلَق، وتُجَدِّد وجه الأرض" (مز104: 30). لأنّه بمعصية آدَم صارت وجوهنا محجوبة عن الله، وصِرنا نعود إلى التراب. لأنّ قصاص الله على الطبيعة البشريّة هو: "لأنّك تراب، وإلى تُرابٍ تعود" (تك3: 19)، ولكن في نهاية هذا العالم، فإنّ وجه الأرضِ سيتجدّد، لأنّ الله الآب بالابن في الروح القدس، سوف يُعطِي حياةً لكلّ أولئك الراقدين في داخلها.

    + المسيح يُجدِّد لأنّه هو الحياة. فإنّ ذلك الذي خلق في البداية، يستطيع أيضًا أن يُجَدِّد إلى عدم الفساد والحياة.. المسيح هو الحياة، ومُعطِي الحياة بالطبيعة.

    + الإنجيلي يقول: "لَمَسَ النعش".. يا أحبّائي، الله فَعَلَ هذا لكي تَعرِفوا أنّ جسد المسيح المقدّس، فيه فاعليّة وقوّة لخلاص الإنسان، لأنّ جسد الكلمة القدير هو جسد الحياة، وقد اكتسى بقدرته.

    + لاحِظوا كيف أنّ الحديد حينما يَدخُل في النار، يُنتِج تأثيرات النار، ويُحَقِّق وظائفها. هكذا أيضًا لأنّ الجسد صار جسد الكلمة الذي يُعطِي الحياة للكلّ. لذلك صار له أيضًا قوّة إعطاء الحياة، وهو يُلاشِي تأثير الموت والاضمحلال.

    + ليت ربّنا يسوع المسيح يلمسنا أيضًا. وهو إذ يُخلِّصنا من الأعمال الشرّيرة، ومن الشهوات الجسديّة، فإنّه يوحِّدنا مع جماعات القدّيسين، لأنّه هو مُعطي كلّ صلاح.

 [عن تفسير إنجيل لوقا للقدّيس كيرلّس السكندري (عظة 36) - إصدار المركز الأرثوذكسي للدراسات الآبائيّة - ترجمة الدكتور نصحي عبد الشهيد]