بمناسبة احتفالنا هذا الأسبوع بعيد استشهاد القدّيس يوحنا المعمدان

          عظة البابا ثيؤدوسيوس عن يوحنّا المعمدان

    يسعدني، لأوّل مرّة، أن أنشر باللغة العربيّة نصّ عظة القدّيس ثيؤدوسيوس، رئيس أساقفة الإسكندريّة، والبابا رقم 33 (535-566م)، في مدح القدّيس يوحنّا المعمدان.

     لقد قمت بنعمة المسيح بترجمتها منذ حوالي أربع سنوات، وتفضّلَت مؤسسة "مدرسة الإسكندريّة" بنشرها كمقال موسَّع في دوريّتها الجميلة نصف السنويّة، في أكتوبر 2020م.

    المقال يشمل مقدّمة، ونبذة عن أهمّ الملامح التي تَمَيَّزَت بها حياة وخدمة القدّيس يوحنّا، ثمّ ترجمة كاملة للعظة المنسوبة للبابا ثيؤدوسيوس عن القدّيس يوحنّا المعمدان.

    المقال بالكامل كما تمّ نشره في دوريّة "مدرسة الإسكندريّة"، يمكن تحميله من هذا الرابط

+ + +

    وكَلَونٍ من التشويق لقراءة المقال، اخترتُ فقرتين صغيرتين، من داخل عظة البابا ثيؤدوسيوس عن القدّيس يوحنا المعمدان، لكي نأخُذ فكرة عن أسلوبه الأدبي في الحديث..

    الفقرة الأولى وكأنّها كلمات على لسان الربّ يسوع له المجد مُخاطِبًا يوحنّا، والفقرة الثانية من كلمات البابا ثيؤدوسيوس في مدح القدّيس يوحنا.

+ على لسان السيّد المسيح:

   أنا الملك، وأنت إكليلي وتاجي الجميل.

   أنا إلهك، وأنت المُنادِي الخاصّ بي.

   أنا هو النور الحقيقي، وأنت هو النجم النوراني الذي تُقدِّم النور.

   أنا هو شجرة الحياة، ولكن أنت المعطي الصالح للتوبة.

   أنا يسوع، وأنت يوحنا حبيبي.

   أنا المسيّا الآتي، وهوذا أنت بالحقيقة السابق لي، الذي أرسلته أمامي.

يا يوحنّا،

   هل البرّيّة في احتياج لك،

   أو هل الحيوانات المتوحِّشة أخطأت حتّى أرسلك إليهم؟

   لا، بل هي البشريّة التي غرقت في الخطيّة!

   لقد أرسلتُكَ أمامي، لكي تبشّرهم بألوهيّتي،

   لكيما أَحضرُ بنفسي بعدك، وأفتدي البشر وأغفر لهم خطاياهم.

+ على لسان البابا ثيؤدوسيوس:

   مباركٌ أنت يا يوحنّا، لأنّ الله أكرمك فوق كلّ أحد في جميع الخليقة التي صنعها.

   مَن هو مثلُك يا صديق الله، وأيّ لسان جسداني يستطيع أن ينطق بمجدك؟

   لو أُشبّهُك بالشاروبيم والسارافيم، فأنت مرتفعٌ جدًا أكثر منهم، لأنّهم يستُرون وجوههم، ولا يستطيعون أن يبصروا الله، ولكن أنت رأيته وعمّدتَهُ بيديك.

   لو أُشَبِّهُك برؤساء الملائكة والملائكة، فأنت مرتفع جدًّا أكثر منهم، لأنّك نسيب خالقهم.

   لو أُشبِّهُكَ بالأنبياء، فهوذا الرب يشهد لك: أنت أعظم من نبيّ.

   ولكن ماذا يمكنني أن أقوله عن إنسان شَهَدَ له فمُ الله الذي لا يكذب قطّ:

   لم يقُم من بين المولودين من النساء أعظم من يوحنّا المعمدان، ولكنّ الأصغر في ملكوت السموات هو أعظم منه.

   وهذا يعني: يوحنا أكبر من يسوع بستّة شهور، ولكنّ المسيح هو أعظم من يوحنّا في ملكوت السموات، لأنّه الله وابن الله.

   وبعد الله، لا يوجَد في كلّ البشريّة التي وُلِدَت مَن هو أعظم من يوحنّا.

   بالحقيقة، يا سيّدي الأب يوحنّا، عظيمٌ جدًّا هو مجدك وكرامتك.

   فأنت قد ارتفعت فوق مستوى كلّ البشريّة.

+ + +

   بركة القدّيس يوحنا المعمدان، والقدّيس البابا ثيؤدوسيوس تكون معنا جميعًا. آمين.