بمناسبة إنجيل الأحد الخامس من شهر أبيب: أشياء صغيرة تصنع فرقًا

    هناك أشياء صغيرة في حياتنا، أحيانا نستهين بها، ولكنّها تصنع فرقًا كبيرًا لو نالت مِنّا بعض الاهتمام.. هي مجرّد أمور بسيطة، ولكنّ أثرها كبير في تغيير الأمور.. ولنأخُذ مثلاً لتوضيح الفكرة:

    في حادثة إشباع الجموع من الخمس الخبزات والسمكتين كان هناك:

    + طفل صغير لم يكُن أحد يحسّ بأهميّته، ولكنّه كان سببًا في بركة كبيرة لآلاف من البشر..

    + كميّة أكل قليلة لا تكفي لثلاثة أشخاص، عندما توضَع في يد المسيح تُشبِع الآلاف ويفيض عنهم..

    + تنظيمات بسيطة يأمر بها الرب، فيفرح الجميع ويتمتّعوا بالبركة الفيّاضة من الله على يديّ الرسل.

    + الكِسَر الباقية التي لا يتوقّع أحد أنّها تنفع بشيء، عندما اهتمّ الرسل بجمعها بحسب توجيه المسيح لهم صارت طعامًا لأيّامٍ كثيرة..

    هكذا هناك أشياء صغيرة في حياتنا لو اهتممنا بها تكون سبب بركة كبيرة لنا، وإذا أهملناها تكون الخسارة فادحة أيضًا..!

    من الناحية السلبيّة.. فهناك خطايا تبدو صغيرة ولكنّها مُهلكة، تكون كالثعالب الصغيرة المُفسِدة للكروم المُثمرة، وكالثقب في المركب تغرّقه، وكنقطة الحِبر في كوب الماء تجعله غير صالح للشرب نهائيًّا.. قد تكون هذه الخطايا أمورًا لا نلتفت لها مثل: نظرة طمع، أو حِقد في القلب، أو بعض أفكار التعالي، أو إهمال تقديم العشور لله..

    وكثيرًا ما تكون البركة منزوعة من حياتنا لسبب خطايا نظنّها صغيرة..!

    من الناحية الإيجابيّة.. هناك أمورٌ بسيطة عندما تُضاف لحياتنا ونهتمّ بها تصنع فرقًا كبيرًا.. فمثلاً:

    + الالتزام بوقفة الصلاة صباحًا قبل الخروج من البيت، ستصنع فرقًا هائلاً في اليوم.. كما يقول القديس أغسطينوس: "مَن يصلّي حسنًا يقضي يومه حسنًا".

    + رُبع ساعة كلّ يوم على الأقل مع الإنجيل، للقراءة والتأمّل لسماع صوت الله واكتشاف حبّه.. ستصنع فرقًا كبيرًا في حياتنا على المدى القريب والبعيد..

    + سماع عظة يوميًّا، أو مجرّد تأمُّل بسيط، يصنع فرقًا..

    + قراءة "كلمة منفعة" واحدة كلّ يوم، تبني حياتنا يومًا فيومًا..

    + التدقيق في انتقاء الألفاظ في الكلام والردود.. تقديم كلمة حُبّ.. كلمة تقدير واحترام.. كلمة تشجيع.. كلمة سلام.. كلمة ترحيب بابتسامة.. تصنع فرقًا ملموسًا..

    + عمل صغير مفيد.. أو تعب بسيط في الكنيسة.. أو خدمة في الخفاء لشخصٍ في احتياج.. أو زيارة قصيرة لمريض.. هذه الأمور تصنع فرقًا.. تنمّي في الإنسان روح العطاء، وتحرّك محبة الله في القلب، وتُشيع روح المودّة وسط الكنيسة..

    إذا كان كلام السيّد المسيح يشجّعنا أنّ كأسَ ماءٍ باردٍ واحدًا فقط يكون محسوبًا عند الله ولن يضيع أجره.. فلنؤمن دائمًا أنّ عمل المحبّة يصنع فرقًا مهما كان صغيرًا..!