هل السبب ضعف الإمكانيات؟!

    منذ عِدَّة سنوات، وفي متابعتي لنتائج إحدى الدورات الرياضية العالمية، قرأتُ عن أسباب إخفاق البعثة المصرية في تحقيق ما كانت ترجوه من ميداليات..

    فهذه صحيفة تلتمس الأعذار بسبب قِلّة الإمكانيات، وهذه أخرى تُعَلِّل الإخفاق بقِلّة التدريب، أو عدم التركيز.. وكلّ هذه الصحف لها الحقّ فيما تقول..

    لكنني كنت أفكِّر، وتمنيت لو استطعت أن أتقابل مع هذا الصحفي الذي كان يستهين بالشاب المصري، الذي عندما قارَنَه بمَن هم في بلاد أخرى أخرجَه بصورةٍ باهتة أقلّ بكثير من الواقع.. وأردتُ لو يأتي معي هذا الكاتب وأُريه بعض نماذج الشباب في كنيستنا الأرثوذكسية..!

    فهذا مثلاً شاب يستيقظ بانتظام في الصباح الباكر جدًّا من أجل حضور القداس، ونجده في المنزل وفي الكنيسة في جهاد دائب يقرأ ويصلي ويخدم.. كما نجده ناجحًا في دراسته، مُحِبًّا للآخرين ومُساعدًا لهم.. متسامحًا.. مِعطاءً.. ينفِّذ وصايا الإنجيل ويحيا حياة مسيحية عملية في طهارة وقداسة.

    وهذه النماذج في كنيستنا كثيرة، ولا تخلو أيّ حقبة من الزمن في كنيستنا القبطية الأرثوذكسية إلاّ ويظهر عمالقة في الجهاد والطهارة والمحبّة، ينيرون في سماء الكنيسة.

    وهؤلاء الشباب الأبطال هم صورة لِمَا يستطيع أن يحقِّقه أيّ شاب.. إذا أحبَّ شيئًا وأخلَصَ له، تجده يُبدِع ويتفوّق ويُبهِر العالم..!

    ما أودّ التركيز عليه أنّه إن كانت البعثة المصرية في تلك الدورة الرياضية توفَّرَت لها بالفِعل إمكانيات ضعيفة، ويمكن أن نلتمس لها أعذارًا كثيرة.. لكن ما هو عُذري وعُذرك مع وجود إمكانيات الروح القدس الجبارة  في الكنيسة؟!

    الروح القدس في الكنيسة هو ينبوع غير محدود من الغِنى، وهو قادر على تقديس أيّ إنسان إذا أراد هذا الإنسان..!

    فما هو عذرنا نحن الآن..؟ إنّ هذه الأجبية، وهذا الكتاب المقدس، وهذا الروح القدس الناري الموهوب لنا من الآب السماوي.. كلّ هذا في متناوَل أيدينا.. إنّها هي هي إمكانيات آبائنا القديسين الذين سبقونا..!

    في هذا العصر وكلّ عصر.. لن تنتهي المشاكل ولا الأزمات، ولن تتوقَّف الصراعات بسبب الذّات وحُبّ المال والسُّلطة والشهوات، ولابد أن تأتي العثرات (مت18: 7)، وستظلّ الضيقات تحاصرنا كما قال لنا الربّ يسوع (يو16: 33).. ولكن نحن لدينا دائمًا إمكانيّات أعظم من كلّ هذه التحديات.. قُدرَات إلهيّة نستطيع بها أن نَغلِب وننتصر..  كما عبَّر القدّيس يوحنّا ذات مرّة: "أَنْتُمْ مِنَ اللهِ أَيُّهَا الأَوْلاَدُ، وَقَدْ غَلَبْتُمُوهُمْ لأَنَّ الَّذِي فِيكُمْ أَعْظَمُ مِنَ الَّذِي فِي الْعَالَمِ" (1يو4:4)..!

    حتى متى نُخفق في تحقيق القداسة بكلّ أبعادها، بينما نحن نملك في داخلنا إمكانيات الروح القدس الجبارة..؟!