دروس من قصّة أبيجايل

    جاءت أحداث قصّة أبيجايل في (1صم25)، فأرجو التكرُّم بقراءتها.. وسأتناول في هذا المقال بنعمة المسيح شرح لمعاني بعض الكلمات، مع عشرة دروس مُستفادة من أحداث القصّة.

* أوّلاً: توضيح لبعض المعاني، مع تعليقات سريعة:

  نابال: اسم عبري معناه "غبي".

  أبيجايل: اسم عبري معناه "أبي فرح"، أو "فرح أبيها".

  عظيمًا: المقصود غنيًّا.

  كالبيٌّ: من بني "كالب"، وجاءت في السبعينيّة "مثل كلب".

  لم نؤذِهم: لم نَعُقهم (سبعينيّة).

  يقحصون عن سيّدهم: هربوا من عند أسيادهم وانفصلوا عنهم.. والكلام فيه تلميح بأسلوب احتقار لداود، وكأنّه عبد هارب من عند سيّده شاول الملك.

  خبزي ومائي وذبيحي: خبزي وخمري واللحم (سبعينيّة).

  بائلاً بحائط: رَجُل ذَكَر واحد (سبعينيّة).

  الرجل اللئيم: ابن بليعال، أو الرجل الوباء (سبعينيّة).

  اصفح عن ذنب أمَتِكَ: جاءت في السبعينيّة "أنا أصلّي أن تصفح عن ذنب أمتك".

  مَصدَمة: جاءت في السبعينيّة "رِجسًا".

  مبارك عقلك: مبارك سلوكك أو تصرُّفك (سبعينيّة).

    + رسالة داود لنابال كانت رسالة سلاميّة جدًّا وهادئة ومتواضعة.. فيقول مثلاً: "ابنك داود".. كما أنّ فيها تمنيّات بالسلامة له ولبيته ولممتلكاته.

    + لا ننسى أنّ داود كان في ظروف قاسيّة، إذ كان مكسور الخاطر مُطارَدًا جائعًا.. فكان كلام نابال الجارح بمثابة امتحان صعب عليه.. "صعبت عليه نفسه".. فثار وفقد أعصابه..

    + الغُلام الذي أبلَغ أبيجايل بما حدث، كان فاعل خير وصانع سلام بالحقيقة.. فقد أنقذ الموقف.. وأيضًا أوضح الخير الذي صنعه داود معهم لأيّام كثيرة، فكشف بالتالي عن فداحة الخطأ في ردّ نابال على رجال داود..

    + بالحقيقة هي مشكلة كبيرة أن يوجَد شخص لديه سُلطة، وهو لا يسمع للآخَرين، أو حتّى لفريق العمل معه.. فهذا يمكن أن يتسبّب في كارثة كُبرى..

    + هديّة أبيجايل لداود تُعَبِّر عن كَرَمِها، وتقديرها له.. كما تَكشِف إحساسها بالمسؤوليّة عن أسرتها التي في خطر..

    + لم تُخبر أبيجايل زوجها بما فعلته، وهذا كان تصرُّفًا حكيمًا منها في ذلك الموقف.. إذ كان هو سكرانًا، ولا يدري بالخطر المُحدِق به، نتيجة تصرّفه الغبي.

    + عندما تُكَرّر أبيجايل كثيرًا ذِكر كلمة "الربّ" في حديثها، فهذا يكشف عن علاقتها القويّة بالله.. وأيضًا عندما وَضعَت الله في الصورة من بداية كلامها، بقولها: "حيّ هو الرب"؛ فقد جعلَت قلب داود يتحنّن عليها..

    + كرّرَت أبيجايل كلمة "سيّدي"، حوالي 15 مرّة، لتستعطِف قلب داود.

    + كرّرت أيضًا كلمة "أمتك/جاريتك" 8 مرّات.. بل وأكّدت أنّ الهديّة التي أتت بها لا تليق بمقام داود، بل هي فقط لغلمانه السائرين وراءه..!

    + من الواضح أنّ داود رأى الله في أبيجايل، فمجّد الله أوّلاً.. قبل أن يمتدح عقلها وتصرُّفها..

    + في تلك الأثناء كان نابال سكرانًا، وغير مُدرِك للواقع مِن حوله.. وانتبه متأخِّرًا لِما حدث، فكانت صدمة مُخيفة له.

    + في النهاية، كانت أبيجايل مصدر تعزية لداود عندما تزوجها، إذ لم يكُن معه زوجة في ذلك الوقت.

* ثانيا: عشرة دروس مُستفادة من قصّة أبيجايل:

   1- أبيجايل كما نرى كانت سبب بركة، لأنّها كانت إنسانة حكيمة. وكانت أيضًا متواضعة على الرغم أنّها كانت غنيّة مادّيًّا.. فبالحقيقة إنّ التواضُع يجعل الإنسان جميلاً وجذَّابًا ومحبوبًا..!

   2- التواضع رفيق الحكمة، ومع الكبرياء تأتي الجهالة والعمَى.. مِثل الفرّيسيّين المتكبّرين، الذين وصفهم المسيح بالجُهّال العُميان.

   3- أبيجايل كزوجة، كانت تسند وتحمي بيتها، وتدافع عن زوجها صاحب التصرّفات الحمقاء، حتّى لو لم ينتبه لذلك..

   4- تُعلّمنا أبيجايل كيف نطفئ الشرّ بالخير، والغضب بالمحبّة والاتضاع..

   5- كانت أبيجايل شخصيّة تُحسِن استخدام الإمكانيّات التي تحت يدها، وهذا أمر مهمّ للنجاح.. وقد ظهر هذا في  ترتيبها السريع للهديّة التي قدّمتها لداود.

   6- كان الله يسند ابيجايل بمعونة خاصّة، لسبب اتضاعها.. فهو يرسل لها مَن يساعدها، ويبارك أعمالها ويُنجِحها.. وهكذا أيضا يعمل معنا، فهو يُرسِل لنا أناسًا لتنبيهنا، أو لمعونتنا في وقت الضيقات..

   7- كانت أبيجايل شخصيّة متابِعة للأحداث العامّة بشكل جيّد، وترى عمل الله في حياتها، وفي وسط شعبه.. بخلاف زوجها المنحصِر في ذاته وملذّاته..

   8- لقد صارت ابيجايل بحكمتها سبب بركة لأطرافٍ متنازِعة.. وحفظتهم من إراقة الدماء.. أحيانًا يريد الله مِنا أن نقوم بهذا الدور، ونكون صانعي سلام، وسط ظروف مضطربة.

   9- أبيجايل وَجَدَتْ نِعمة في عينيّ الربّ أولاً.. فأعطاها نعمة في أعين الكلّ..!

   10- العقل أهمّ من الشكل.. صحيح أنّ الاثنين لهما أهمّيّة، ولكنّ الشكل بدون العقل يكون ناقصًا مشوّهًا.. فالذي يكون سبب بركة للآخرين هو العقل الحكيم، وليس الشكل الجميل..!