مقالات جميلة كتبها القدّيس القمّص بيشوي كامل (19)

الكرازة بروح الحُبّ

    لم تكرز الكنيسة للملحدين، وعَبَدَة الأوثان، وناكري المسيح، بمجرّد الفلسفة والحكمة العقليّة، ولكن بالروح القدس روح الحُبّ.

    + لقد كانت الكنيسة ترُدّ على المسيئين والمجدّفين على اسم المسيح، ولكن بعد أن تكون صامَتْ وصلّتْ لأجلهم كثيرًا. لذلك كانت ردودها بقوّة الروح "لأنّ لستم أنتم المتكلّمين، بل روح أبيكم الذي يتكلّم فيكم" (مت10: 20).

    + فحِذارِ أن يدافع إنسان عن المسيح، قبل أن يكون صلّى للمُسيئين بأسمائهم، لكي لا يكون دفاعه كبطرس، الذي وبّخه السيّد المسيح، عندما قطع أُذُن العبد، بل ليكون دفاعه بروح المسيح الوديع، المملوء حكمة، التي لا يقدر جميع المُعاندين أن يقاوموها أو يعاندوها.

    + لقد تعطّلَت الكرازة في الكنيسة الأولى، بسبب تعلُّق الرسُل بالكرازة لليهود فقط، فلم يُخالِطوا أو يتحدّثوا مع أحد إلاّ اليهود فقط. ولكنّ الله سمح بقتل استِفانوس، فتشتَّتَ جميع التلاميذ في كلّ البلاد، وآمَنَ اهلُ السامرة أعداء اليهود بكرازة فيلبّس الشمّاس. لذلك فالمحبّة هي سلاح الكنيسة في الكرازة، إذا فقدته فقدت كرازتها.

* إيمان كاهن وثني بالمسيح:

    + كان القدّيس مقاريوس في طريقه إلى جبل نِتْرِيا، وكان تلميذه يتقَدّمُهُ قليلاً.

    + وبينما كان التلميذ في طريقه، رأى كاهنًا وثنيًّا يجري حاملاً الخشب، فقال له: "إلى أين أنت تجري يا خادم الشيطان؟" فاستدار الكاهن الوثني، وضربه، وتركه بين حيّ وميّت.

    + وفي الطريق قابله القدّيس مقاريوس، فقال له: "فلتصحبك المعونة يا رَجُلَ النشاط". فتقدّم الكاهن الوثني نحوه، وقال له: "أيّ شيء جميل رأيته فيّ، حتّى حيّيتني هكذا.. لقد تأثّرتُ بتحيّتك، وعرفتُ أنّك تعبُد إلهًا عظيمًا. ولكنّ هناك راهبًا شرّيرًا صادفني قبلك ولعنني، فضربته ضربَ الموت".

    + وأمسك الوثني بقدميّ القدّيس مقاريوس، قائلاً: لن أتركك حتّى تجعلني راهِبًا".

* صلاة بولس في السجن، من أجل إيمان الملك:

    + قال له أغريباس الملك: "أبقليل تُقنِعني أن أصير مسيحيًّا. فقال بولس: كنتُ أصلّي إلى الله، أنّه بقليل وبكثيرٍ، ليس أنت فقط، بل أيضًا جميع الذين يسمعونني اليوم، يصيرون هكذا كما أنا، ماخلا هذه القيود" (أع26: 28، 29).

    + ففي السجن لم يُصلِّ بولس لأجل نفسه، بل لأجل الذين أساءوا إليه.

* إيمان باخوميوس:

    + كان باخوميوس ضابطًا في جيش الرومان، وذاهبًا لإبادة المسيحيّين. وفي الطريق، انتشر وباء في الجيش، فخرج المسيحيّون يُطيّبون المرضى من الجنود، ويقدّمون لهم الطعام.

    + فتعجّب باخوميوس من قوّة محبّة المسيحيّين، ونذر في قلبه أنّه إذا رجع سالمًا، يصير مسيحيًّا.

    + وهكذا بالمحبّة صار باخوميوس مؤسّس رهبنة الشركة، في العالم كلّه..!!

  + المحبّة قويّة كالموت (نش8: 6).

  + الله أحبّني للموت (يو3: 16).

  + المحبّة لا تسقط أبدًا (1كو13)

(هذه المقالة تمّ نشرها في مجلّة "صوت الراعي" عدد سبتمبر وأكتوبر 1978م)

+ + +

بركة صلوات أبينا القدّيس القمّص بيشوي كامل تكون معنا. آمين.