مقالات جميلة كتبها القدّيس القمّص بيشوي كامل (15)

            عمّ يوسف تعلّم أبانا الذي...

                    وهو يحرث

    ذَكَرَ لنا أبونا صليب سوريال، أنّه مع زملائه، عندما كانوا طلبة بالجامعة، كانوا يقومون بخدمة القُرى. وفي إجازة صيف سنة 1947م ذهب اثنان منهم إلى مدينة أبي قير، ففكّرا في إخوتهم في القرى.

    ففي أحد الأيّام ذهب هذا الخادمان إلى قرية بجوار بلدة الطابية (قرب أبي قير)، وعندما دخلا القريّة، سألا طفلا صغيرًا عن عمّ جرجس، ولكنّه قال لهما: أنتما تقصدان عمّ يوسف.. هو الآن في الغيط (الحقل) يحرث بالمحراث، ثمّ أخذهما إلى الحقل حيث وَجَدَا عمّ يوسف يسير وراء المحراث ذهابًا وإيابًا يحرث الأرض.

    فسألاه، بعد أن سلّما عليه: "كيف تصلّي يا عمّ يوسف؟"

    فقال: "أقول كذا كذا...!"

    فقالا له: ألا تعرف أبانا الذي في السموات؟" فقال: "لا".

    فسألاه: "هل ممكن أن تحفظها؟" فقال: "نعم".

    فوقف واحد عن يمينه، والآخَر عن يساره، والمحراث يسير ذهابًا وإيابًا، وهما يسيران معه، حيث أمضيا اليوم تحت قيظ الشمس، إلى أن حفظ "أبانا الذي في السموات".

    فرح عمّ يوسف، وظلّ يصلّي "أبانا الذي..." باستمرار، ثمّ سألهما: "متى ستحضران مرّة أخرى؟" فقالا: "بعد أسبوع".

    بعد أسبوع، ذهبا إلى القريّة، وسألا عن عمّ يوسف، فقالوا لهما أنّه قد مات بسبب وباء الكوليرا... مات وهو يصلّي "أبانا الذي..".

    أخي.. إنّ خدمة بسيطة من أجل خلاص نفس، لا تضيع أبدًا.

    هذه النفس وصلت إلى السماء، بسبب أمانة خادمَيْن يومًا واحدًا.

    هل جرّبت ذلك مع زميلك في المدرسة، وأنت تقابله ليس يومًا واحدًا، بل كلّ يوم؟!

    هل أنت تصلّي لأجل زميلك؟

    ما هي رسالتك في المدرسة؟

    هل فكّرت في النفوس البعيدة عن المسيح؟ هلّ صلّيتَ لأجلهم؟!

    أخي.. أرجو أن تُصارِح نفسك، وتسألها: ما هي الخدمة التي قدّمتها إلى المسيح نظير محبّته لأجلِك، وموته على الصليب عنّا جميعًا؟!

القمص بيشوي كامل

ملحوظة: القمّص صليب سوريال هو من روّاد خدمة مدارس الأحد في القرن العشرين، وُلِد عام 1916م، وسيم كاهنًا على كنيسة مارمرقس بالجيزة عام 1948م، وتنيّح عام 1994م. وهذه المقالة تمّ نشرها في مجلّة "صوت الراعي" عدد ديسمبر 1977م

بركة صلوات أبينا القدّيس القمّص بيشوي كامل تكون معنا. آمين.