استعدادًا لأسبوع الآلام. المسيح الحَمَل والمَلِك والعريس (1)

مع اقتراب أسبوع البصخة العظيم.. أسبوع العبور من الموت إلى الحياة.. أسبوع الآلام الخلاصيّة التي فتح لنا بها الربّ الطريق إلى الأقداس السمائيّة بدمه (عب9: 12).. أودّ بنعمة الله تقديم ثلاث مقالات مركّزة عن شخص المسيح الفادي المُحبّ كما يظهر لنا في هذا الأسبوع.

  * كيف يظهر الربّ يسوع أمامنا هذا الأسبوع؟!

    كان معروفًا سابقًا عند الناس المحيطين بيسوع، أنّه هو المعلّم العظيم، والشافي القدير، والراعي الحنون، وصاحب السلطان.. ولكنّه يَكشِف في الأسبوع الأخير عن صفات أخرى فيه، هامّة جدًّا لخلاصنا ومجدنا وفرحنا..

فهو يظهَر كحَمَل وكملِك وكعريس..!

أوّلاً: المسيح الحَمَل:

    + لقد دخل أورشليم كحمَل يُقدَّم للذبح.. مع الخراف التي تُقدّم في عيد الفِصح.. "لأنّ فِصْحَنَا أَيْضًا الْمَسِيحَ قَدْ ذُبِحَ لأَجْلِنَا" (1كو5: 7).. من هنا نفهم ارتباط طقس أحد الشعانين في الكنيسة القبطيّة بعيد الصليب، من ناحية الدورة والألحان..!

    + جاء قَبْله يوحنّا المعمدان ليبشّر به، ويمهِّد الطريق له.. وقد أشار عليه أكثر من مرّة قائلاً: "هُوَذَا حَمَلُ اللهِ الَّذِي يَرْفَعُ خَطِيَّةَ الْعَالَمِ" (يو1: 29، 36).

    + هو الحَمَل الذي أتى إلى الذبح (القدّاس الغريغوري)، الذي تمّت فيه النبوءات: "لكي يتم ما قيل بإشعياء النبي القائل: هو أخذ أسقامنا وحَمَلَ أمراضنا" (مت8: 17).. "كُلُّنَا كَغَنَمٍ ضَلَلْنَا. مِلْنَا كُلُّ وَاحِدٍ إِلَى طَرِيقِهِ، وَالرَّبُّ وَضَعَ عَلَيْهِ إِثْمَ جَمِيعِنَا. ظُلِمَ أَمَّا هُوَ فَتَذَلَّلَ وَلَمْ يَفْتَحْ فَاهُ. كَشَاةٍ تُسَاقُ إِلَى الذَّبْحِ، وَكَنَعْجَةٍ صَامِتَةٍ أَمَامَ جَازِّيهَا فَلَمْ يَفْتَحْ فَاهُ" (إش53: 6-7)

    + يؤكِّد ق. بولس نفس الكلام: "المسيح أيضا، بعدما قُدِّم مرّة لكي يحمل خطايا كثيرين، سيظهر ثانية (المجيء الثاني) بلا خطيّة للخلاص للذين ينتظرونه" (عب9: 28).

    + ويشير أيضًا ق. بطرس للحَمَل الإلهي، وقوّة التطهير التي في دمه، أكثر من مرّة في رسالته الأولى: "الذي حمل هو نفسه خطايانا في جسده على الخشبة، لكي نموت عن الخطايا فنحيا للبِرّ" (1بط2: 24)، "عَالِمِينَ أَنَّكُمُ افْتُدِيتُمْ لاَ بِأَشْيَاءَ تَفْنَى، بِفِضَّةٍ أَوْ ذَهَبٍ، مِنْ سِيرَتِكُمُ الْبَاطِلَةِ.. بَلْ بِدَمٍ كَرِيمٍ، كَمَا مِنْ حَمَل بِلاَ عَيْبٍ وَلاَ دَنَسٍ، دَمِ الْمَسِيحِ" (1بط1: 18-19).

    + هو الحَمَل الذي حمَلَ الصليب وغلب الموت، ودعانا أن نحمل الصليب معه، سائرين في موكب نصرته.. "إن أراد أحد أن يأتي ورائي فلينكر نفسه ويحمل صليبه (كلّ يوم) ويتبعني" (مت16: 24)، (لو9: 23).

    + هو الحمل القائم كأنّه مذبوح، كما رآه القدّيس يوحنا في السماء. ويظلّ هكذا حَمَلاً قائمًا يشفع بدمه فينا إلى الأبد.. وتسبّحه كلّ الخليقة معنا قائلين: "مُسْتَحِق أَنْتَ أَنْ تَأْخُذَ السِّفْرَ وَتَفْتَحَ خُتُومَهُ، لأَنَّكَ ذُبِحْتَ وَاشْتَرَيْتَنَا للهِ بِدَمِكَ مِنْ كُلِّ قَبِيلَةٍ وَلِسَانٍ وَشَعْبٍ وَأُمَّةٍ.." (رؤ5: 9).

    + هو الحمل الذي أعطانا أن نأكل جسده ونشرب دمه، فنثبت فيه وهو فينا (يو6: 56).. وبثباتنا في المسيح الحمَل، ونموّنا في محبّته، نتحوّل إلى حِملان.. نحمل بعضنا أثقال بعض (غل6: 2)، وهكذا نعيش ونخدم بحسب قلبه..!

نتابع حديثنا غدًا بنعمة الله،،

1 / 3

(يُتَّبَع)