البابا كيرلّس السادس والحياة الليتورجيّة

+ الحياة الليتورجيّة هي حياة العبادة الكنسيّة، وتشمل كلّ الصلوات الجماعيّة الموجودة في كنيستنا القبطيّة الأُرثوذكسيّة.

+ الليتورجيّات هي مَعمَل لتصنيع القدّيسين، بشرط الصلاة بروح الفهم وروح الاتضاع والتوبة..

 + الحياة الليتورجيّة كانت هي السَنَد الكبير للقدّيس البابا كيرلس السادس طوال حياته.. فمنذ طفولته المبكّرة وشبابه، كان مواظبًا على حضور القدّاسات وأعياد القدّيسين في أوقاتها، وبعد رهبنته عندما رُسِم كاهنًا في عام 1931م صار القدّاس الإلهي هو ينبوع قوّته وعزائه وشبعه اليوميّ حتّى نياحته عام 1971م.

+ كانت الليتورجيّات لها الأولويّة في حياته.. سواء التسبحة اليوميّة أو القدّاس أو العشيّة أو تسابيح كيهك أو البصخة أو الأصوام والأعياد.. فلم يكُن يتكاسل أبدًا، بل أنّه في مرضه الأخير بجلطات القلب حَرِصَ على تركيب سمّاعة في قلايته، لتَنقِل له كلّ الصلوات الموجودة في الكنيسة.. لقد كان مع تشجيعه للوعظ والتعليم، يعطي الأولويّة لخدمة المذبح، حتّى إنّه عند دعوة شخصٍ لخدمة الكهنوت كان يقول له: "المذبح يدعوك"..!

+ كان في صلواته الليتورجيّة يهتمّ بالتركيز على شخص الربّ يسوع حبيبه.. فلا يهتمّ بعدد الحاضرين ونوعيّتهم، ولا بشكل المكان وأناقته، بل كثيرًا ما كان يصلّي على المذابح الجانبيّة، وفي الكنائس البعيدة البسيطة.. فقط كان يحرص على صفاء قلبه من جهة كلّ أحد يوميًّا قبل القدّاس..

+ كانت الليتورجيّات هي القناة التي ربطته بالقدّيسين والملائكة والسوّاح، وبصداقتهم.. فنحن في الليتورجيّات نتجاوز الزمان والمكان.. إذ تُستَدعى الكنيسة للسماء، لكي يفرح الأرضيّون مع السمائيّين حول العرش الإلهي..!

+ كان يؤمن جدًّا بفاعليّة الليتورجيّات، وقدرتها على تقديس القلب، والوقت، والمكان، وكلّ الأعمال.. وتأثيرها في توبة الناس وحفظ سلام الكنيسة، ونموّ المحبّة بين أعضائها.

+ آمَنَ بأنّ الليتورجيّات تستطيع أن تجمع الشعب في الكنيسة حول المسيح، وتوحِّدهم فيه بالتناول من الأسرار المقدّسة؛ فهي أفضل وسيلة للخدمة، إذ تقود الشعب للتوبة والثبات في المسيح.. لذلك كانت كلّ زياراته هي زيارات للصلاة في الكنائس والإيبارشيّات المتعدّدة.. كقائد يقود شعبه للالتصاق بالله والتمتّع بحضوره والشركة معه..

+ كان يحترم الطقس كوسيلة للشبع بالمسيح، وليس كهدفٍ في حدّ ذاته، ينبغي علينا تتميمه بأيّةِ طريقةٍ كانت.. لذلك لم يكُن مُسرِعًا في القدّاس ولا مُبطِئًا، وكان يهتمّ بروح الصلاة واتفاق الأصوات في التسبيح، وينصح الشمامسة بذلك.. وكان أحيانًا يَحفَظ المردّات بأكثر من طريقة، إذا كان هناك اختلاف في اللحن بين بعض الكنائس، لكي يصلّي معهم جميعًا بالروح.. كما كان له بعض الصلوات الخاصّة التي يكرّرها في القدّاس يوميًّا أثناء تعميد الحَمَل، وبعد صلاة القسمة، مثل: دبِّر حياتنا يارب بحسب إرادتك الصالحة.. ارفع شأن المسيحيّين بإشارة الصليب المُحيي.. اجعلْ السلام والهدوء والطمأنينة في الكنيسة المقدّسة..

+ لقد تتلمَذ البابا كيرلس السادس على الليتورجيّات في الكنيسة، وتلمَذَ الكثيرين أيضًا.. فقد كان يهتمّ بالأطفال الذين يخدمون معه كشمامسة، ويشجّعهم على حفظ المردّات، والمواظبة على القدّاسات اليوميّة والعشيّات، ويعطيهم بعض المكافآت، ويسأل عن الغائبين، ويتابع الجميع بأبوّة وحُبّ وبساطة جميلة.. لذلك نرى أنّ شمامسة كثيرين من اللذين كانوا يُصلّون معه، قد تمّ تكريسهم كرهبان وكهنة.. ولم تمرّ سنوات قليلة بعد نياحته، حتى صار القدّاس اليومي منهجًا في معظم الأديرة، وفي الكثير من الكنائس القبطيّة بكلّ المسكونة.