ملامح مملكة المسيح

كان واضحًا في دخول الرب يسوع المسيح إلى أورشليم أنّه يدخُل كملك.. حتّى وإن كانت ملامحه الشخصيّة وطريقة دخوله مختلفة كثيرًا عن باقي ملوك العالم.. فهو ملك بسيط ومتواضع.. ملك وديع ومُسالم.. ملك روحاني وغريب عن هذا العالم.. ومع ذلك فهو ملك عظيم وقوي.. ملك عادل ومنصور (زك9:9).. ملك مُخيف ومُحِب في نفس الوقت..!

وإذا كان السيِّد المسيح ملكًا هكذا بمواصفات استثنائيّة، فإنّ مملكته بالتالي من المُفترّض أن تكون مملكة مختلفة عن ممالك العالم في الكثير من ملامحها.. وإذا كان الملك عظيم هكذا، فمن المؤكَّد أنّ مملكته هي مملكة سامية وسعيدة، مملوءة بالغِنى والمزايا المُتنوِّعة لأعضائها..

هذه هي المملكة التي نحن أعضاء فيها.. فبالإيمان والمعموديّة دخلنا إلى عضويتها، وبالالتزام بقوانينها نتمتّع بكل مزاياها وبركاتها وأمجادها..!

لنستعرض معًا بعض ملامح هذه المملكة، وكيف تنعكس هذه الملامح علينا، كأعضاء وسفراء للمملكة على هذه الأرض..؟!

أولاً: هي مملكة ليست من هذا العالم (يو18: 36).. مملكة غريبة عن هذه الأرض.. مملكة روحيّة وليست ماديّة.. مملكة سماوية وليست أرضيّة.. مملكة أبدية وليست زمنيّة.. مملكة داخليّة على القلوب وليست خارجيّة على أراضٍ وشعب وممتلكات.. مملكة ليس لها أيّ أطماع في العالم، سوى أن ترتقي بالناس لينضمُّوا إلى عضويتها ويتمتّعوا بحياة أفضل..!

ثانيًا: هي مملكة متّضعين.. لأن ملكها متّضع ولا يعطي نعمته إلاّ للمتّضعين.. لذلك فإنّ مَن يريد أن يتمتّع بغنى هذه المملكة وأسرارها المُفرِحة، يلزمه أنّ يضع نفسه في آخِر الصفوف، ويكون للجميع خادمًا..

ثالثًا: هي مملكة قديسين.. فملكها هو ملك القديسين (رؤ15: 3) وعضويتها قاصرة على القديسين الذين يبيِّضون ثيابهم ويغسلون قلوبهم باستمرار في دم الحمل ملك الملوك (رؤ7: 14).

رابعًا: هي مملكة سلام.. لا يوجَد عُنفٌ في قاموسها ولا في سلوك أعضائها.. بل يتمتّع بالسلام كلّ مَن ينضم لعضويّتها.. سلام حقيقي ينبع من القلب ويملأ الفِكر ويقود السلوك، حتّى أنّ أعضاء المملكة مشهورون بأنّهم صانعو سلام (مت5: 9).

خامسًا: هي مملكة منتصرة ومجيدة.. فملكها جبّار لا يمكن هزيمته.. هو غالب للعالم (يو16: 33)، ويقود دائمًا أبناء المملكة في موكب نصرته المجيدة (2كو2: 14)، لذلك فإنّ أحد أهم ألقابه أنّه ملك المجد، ويعطي لأعضاء مملكته أن يتمجّدوا معه، لو تألموا معه حاملين الصليب بشكر.. فالصليب هو عَلَم المملكة ورمز المحبّة فيها، وهو عرش الملك ومركز إشعاع حبّه وملكوته.. من أجل ذلك فإنّ الصليب هو سرّ الانتصار والمجد في المملكة..!

سادسًا: هي مملكة ثابتة.. لا تنتهي ولا تزول مثل ممالك الأرض التي تضعف وتنقرض، وستنتهي جميعها بنهاية الأرض.. أمّا مملكة المسيح فليس لها نهاية أو انقضاء (دا7: 14)، (لو1: 33). ومن هنا فإنّ المكاسب التي يتمتّع بها أعضاء المملكة لا يمكن أن تُنزَع منهم، والسعادة ستظلّ تنمو في قلوبهم إلى الأبد.

سابعًا: هي مملكة عضويتها مفتوحة للجميع.. فكُلّ من يقبَل المسيح ملكًا على حياته، ويقبل الدخول معه في عهد بالمعموديّة ويثبت فيه بالأسرار المقدّسة، ثم يلتزم في سلوكه بوصايا الإنجيل التي هي قوانين المملكة، سيملك مع المسيح إلى الأبد، ولن يكون للموت سلطان عليه.. بعكس مَن يرفض هذه العضويّة المجانيّة، ويسعى وراء ممالك العالم الزائلة.. المال والشهرة والسُّلطة والشهوات.. سيهلك بعيدًا عن الملك الحقيقي.. وتكون خسارته فادحة..!

لك القوّة والمجد والبركة والعزّة إلى الأبد، يا عمّانوئيل إلهنا وملكنا.. خلّصنا وارحمنا وباركنا.. آمين.