خبزنا الذي للغد كفافنا - الضروري - الجوهري (3)

ثانيًا: ترجمة كاملة لنصوص آبائيّة:

 

أربعة آباء. بحسب الترتيب الزمنى: العلاّمة أوريجينوس، القديس كبريانوس، القديس جيروم، القديس يوحنا ذهبي الفم.

 

1- العلاّمة أوريجينوس (185-254م):

 

بسبب أنّ البعض يفهمون من هذا أنّنا مأمورون أن نصلّي من أجل الخبز المادّي، سيكون جيّدًا أن نُفَنِّد خطأهم هنا، ونرسّخ الحقيقة بخصوص كلمة الخبز الـ "إيبي أُوسيوس". لابد أن نسألهم: كيف يمكن لمَن يوصينا أن نسأل من أجل العطايا العظيمة والسماويّة، أن يوصينا أيضًا أن نتوسَّل للآب من أجل أمور صغيرة وأرضيّة؟ وكأنّه نَسِيَ ما كان قد علّمه؟ لأنّ الخبز المُعطَى لأجسادنا ليس هو سماويًّا، وليس طلبُهُ بالطلبِ العظيم.

ونحن من جانبنا، إذ نتبع السيّد نفسَه الذي يعلّمنا عن الخبز، سوف نعالج الأمر بصراحة. في الإنجيل بحسب يوحنا قال لهؤلاء الذين أتوا إلى كفر ناحوم يطلبونه: "الْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: أَنْتُمْ تَطْلُبُونَنِي لَيْسَ لأَنَّكُمْ رَأَيْتُمْ آيَاتٍ، بَلْ لأَنَّكُمْ أَكَلْتُمْ مِنَ الْخُبْزِ فَشَبِعْتُمْ." (يو6: 26) فالذي أكل من الخبز الذي باركه يسوع، وشبع به، يعمل كلّ المحاولات لكي يفهم ابن الله بأكثر كمال ويُسرِع إليه. وعندئذ تأتي وصيّته البديعة: "اِعْمَلُوا لاَ لِلطَّعَامِ الْبَائِدِ، بَلْ لِلطَّعَامِ الْبَاقِي لِلْحَيَاةِ الأَبَدِيَّةِ الَّذِي يُعْطِيكُمُ ابْنُ الإِنْسَانِ." (يو6: 27)... "الخبز الحقيقي" هو ذاك الذي يُغذّي الإنسانيّة الجديدة، الشخص المخلوق على صورة الله.

[في الصلاة 27: 2]

 

2- القديس كبريانوس أسقف قرطاجنّة (200-258م):

 

"الخبز اليومي" قد تُفهَم بمعنى روحي أو بمعنى بسيط، لأنّ كِلا المعنيين يساعدنا لفهم الخلاص. لأنّ المسيح هو خبز الحياة، وهذا الخبز هو ليس خبز الجميع، ولكنّه خبزنا نحن. فكما نقول "يا أبانا" لأنّه هو أب الذين يفهمون ويؤمنون، هكذا نقول أيضًا "خبزنا"، لأنّ المسيح هو خبزنا نحن الذين نتلامس مع جسده (نحن ندعوه خبزنا، لأنّ المسيح هو خبز الذين هم في اتّحاد إفخاريستي مع جسده). الآن نسأل أنْ يُعطَى لنا اليوم هذا الخبز، لئلاّ، نحن الذين في المسيح ونتناول من الإفخارستيا كلّ يوم كطعام الخلاص، نكون مفصولين من جسد المسيح بسبب بعض الجرائم الخطيرة التي تحرمنا من تناول الخبز السماوي. لأنّه طبقًا لكلامه: "أَنَا هُوَ الْخُبْزُ الْحَيُّ الَّذِي نَزَلَ مِنَ السَّمَاءِ. إِنْ أَكَلَ أَحَدٌ مِنْ هذَا الْخُبْزِ يَحْيَا إِلَى الأَبَدِ. وَالْخُبْزُ الَّذِي أَنَا أُعْطِي هُوَ جَسَدِي الَّذِي أَبْذِلُهُ مِنْ أَجْلِ حَيَاةِ الْعَالَمِ" (يو6: 51).

[أطروحات على الصلاة الربّانيّة 18]

 

3- القديس جيروم (347-420م):

 

في الإنجيل، المصلح المُستخدم بواسطة العبرانيين ليعطي معنى:super substantial bread  هو "مار maarووجدتُ أنّه يعني "الذي للغد". وعلى هذا فالمعنى يكون: "أعطِنا اليوم خبزَ الغد" الذي هو المستقبل. ونستطيع أيضًا أن نفهم supersubstantial bread  بمعنى آخر: الخبز الذي يفوق كلّ الأمور المادّيّة، ويسمو فوق كلّ الخلائق.

[تعليق على إنجيل متّى 1. 6. 11]

 

4- القدّيس يوحنا ذهبي الفم (347-407م):

 

ما هو الخبز اليومي؟ فقط يكفي ليومٍ واحد. هنا يسوع يتكلّم مع أناسٍ لهم احتياجات الجسد الطبيعيّة، ويخضعون لضرورات الطبيعة. هو لا يدَّعِي أنّنا ملائكة. هو تنازل إلى مستوى طبيعتنا الضعيفة وهو يعطينا وصاياه. وَضْع الطبيعة الخطير يمنعك من التحرّك بدون طعام. ولذلك فمن أجل أن تنضج حياتك، هو يقول: أنا أطلب الطعام الضروري، وليس كحرّيّة كاملة من الضرورات الطبيعيّة. لكن لاحظ كيف أنّه حتّى الأمور الجسدانيّة تزخر بارتباطات روحانيّة. لأنّنا لا نصلّي من أجل الغنى والبهرجة، لكن فقط من أجل الخبز اليومي، فلا نحمل همّ الغد.

[إنجيل متى عظة 19. 5]

 

أهمّ المراجع:

 

+ الموعظة على الجبل للقدّيس أغسطينوس - ترجمة الشمّاس فايز يعقوب (القمّص تادرس يعقوب) 1962م.

+ شرح إنجيل لوقا للقديس كيرلس الكبير - ترجمة الدكتور نصحي عبد الشهيد.

+ الإنجيل بحسب متّى - القمّص تادرس يعقوب ملَطي.

+ الإنجيل بحسب لوقا - القمّص تادرس يعقوب ملَطي.

+ الإنجيل بحسب القديس متّى - القمّص متّى المسكين.

+ الإنجيل بحسب القدّيس لوقا - القمّص متّى المسكين.

+ The Orthodox Study Bible.

+ Ancient Christian Commentary on Scripture - New Testament.