الغصن الناصري

في حديث القديس متّى في إنجيله عن السيّد المسيح بعد عودته مع العائلة المقدّسة من مصر، قال: "وَأَتَى وَسَكَنَ فِي مَدِينَةٍ يُقَالُ لَهَا نَاصِرَةُ، لِكَيْ يَتِمَّ مَا قِيلَ بِالأَنْبِيَاءِ: «إِنَّهُ سَيُدْعَى نَاصِرِيًّا»" (مت2: 23).. وإذا دقّقنا في العهد القديم، فإنّنا نجد كلمة "نيتسير" بالعِبريّة قد قيلت كوصف للسيّد المسيح الملك الآتي من نسل داود، وهي كلمة معناها "غُصن" وأيضًا نفس الكلمة تعني "ناصريًّا".. وهنا يلفت القديس متّى بالروح القدس نظرنا إلى سِتّ نبوّات هامّة وجميلة جدًّا تصف السيّد المسيح بالغُصن.. اثنين في سفر إشعياء، واثنين في سِفر إرميا، واثنين في سِفر زكريّا.. نعرضها في هذا المقال مع تعليقات توضيحيّة بسيطة..

1- "وَيَخْرُجُ قَضِيبٌ مِنْ جِذْعِ يَسَّى، وَيَنْبُتُ غُصْنٌ مِنْ أُصُولِهِ، وَيَحُلُّ عَلَيْهِ رُوحُ الرَّبِّ، رُوحُ الْحِكْمَةِ وَالْفَهْمِ، رُوحُ الْمَشُورَةِ وَالْقُوَّةِ، رُوحُ الْمَعْرِفَةِ وَمَخَافَةِ الرَّبِّ. وَلَذَّتُهُ تَكُونُ فِي مَخَافَةِ الرَّبِّ، فَلاَ يَقْضِي بِحَسَبِ نَظَرِ عَيْنَيْهِ، وَلاَ يَحْكُمُ بِحَسَبِ سَمْعِ أُذُنَيْهِ، بَلْ يَقْضِي بِالْعَدْلِ لِلْمَسَاكِينِ، وَيَحْكُمُ بِالإِنْصَافِ لِبَائِسِي الأَرْضِ، وَيَضْرِبُ الأَرْضَ بِقَضِيبِ فَمِهِ، وَيُمِيتُ الْمُنَافِقَ بِنَفْخَةِ شَفَتَيْهِ. وَيَكُونُ الْبِرُّ مِنْطَقَهَ مَتْنَيْهِ، وَالأَمَانَةُ مِنْطَقَةَ حَقْوَيْهِ."  (إش11: 1-5).

وهي نبوّة واضحة جدًّا عن السيّد المسيح الذي يمتلئ من الروح، ويخلّص المساكين، وكلماته تضرب الشرّ بقوّة، فيهزم الشيطان لحسابنا..!

2- "فِي ذلِكَ الْيَوْمِ يَكُونُ غُصْنُ الرَّبِّ بَهَاءً وَمَجْدًا، وَثَمَرُ الأَرْضِ فَخْرًا وَزِينَةً لِلنَّاجِينَ مِنْ إِسْرَائِيلَ. وَيَكُونُ أَنَّ الَّذِي يَبْقَى فِي صِهْيَوْنَ وَالَّذِي يُتْرَكُ فِي أُورُشَلِيمَ، يُسَمَّى قُدُّوسًا. كُلُّ مَنْ كُتِبَ لِلْحَيَاةِ فِي أُورُشَلِيمَ. إِذَا غَسَلَ السَّيِّدُ قَذَرَ بَنَاتِ صِهْيَوْنَ، وَنَقَّى دَمَ أُورُشَلِيمَ مِنْ وَسَطِهَا بِرُوحِ الْقَضَاءِ وَبِرُوحِ الإِحْرَاقِ" (إش4: 2-4).

هنا النبوّة عن الفداء الذي يقوم به السيدّ المسيح، فهو يغسل أقذارنا ويحرق أشواك خطايانا وينقّينا بدمه، حتّى نكون قدّيسين وتُكتَب أسماؤنا في سِفر الحياة، في أورشليم السمائيّة.. ويكون هو زينتنا وفخرنا ومجدنا..!

3- "هَا أَيَّامٌ تَأْتِي، يَقُولُ الرَّبُّ، وَأُقِيمُ لِدَاوُدَ غُصْنَ بِرّ، فَيَمْلِكُ مَلِكٌ وَيَنْجَحُ، وَيُجْرِي حَقًّا وَعَدْلاً فِي الأَرْضِ. فِي أَيَّامِهِ يُخَلَّصُ يَهُوذَا، وَيَسْكُنُ إِسْرَائِيلُ آمِنًا، وَهذَا هُوَ اسْمُهُ الَّذِي يَدْعُونَهُ بِهِ: الرَّبُّ بِرُّنَا." (إر23: 5-6).

4- "فِي تِلْكَ الأَيَّامِ وَفِي ذلِكَ الزَّمَانِ أُنْبِتُ لِدَاوُدَ غُصْنَ الْبِرِّ، فَيُجْرِي عَدْلاً وَبِرًّا فِي الأَرْضِ. فِي تِلْكَ الأَيَّامِ يَخْلُصُ يَهُوذَا، وَتَسْكُنُ أُورُشَلِيمُ آمِنَةً، وَهذَا مَا تَتَسَمَّى بِهِ: الرَّبُّ بِرُّنَا." (إر33: 15).

وهاتان النبوّتان تؤكِّدان أن المسيح سيأتي كمَلِك بار من نسل داود وسيبرّرنا ببِرِّهِ. سيَنجح في تحقيق العدل والخلاص والأمان لشعبه.

5- "فَاسْمَعْ يَا يَهُوشَعُ الْكَاهِنُ الْعَظِيمُ أَنْتَ وَرُفَقَاؤُكَ الْجَالِسُونَ أَمَامَكَ، لأَنَّهُمْ رِجَالُ آيَةٍ، لأَنِّي هأَنَذَا آتِي بِعَبْدِي «الْغُصْنِ»... وَأُزِيلُ إِثْمَ تِلْكَ الأَرْضِ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ." (زك3: 8-9).

وهذه نبوّة واضحة عن السيّد المسيح الفادي الذي سيأتي في صورة عبد، ليطهِّرنا من آثامنا في يوم صليبه.

6- "هكَذَا قَالَ رَبُّ الْجُنُودِ قَائِلاً: هُوَذَا الرَّجُلُ «الْغُصْنُ» اسْمُهُ. وَمِنْ مَكَانِهِ يَنْبُتُ وَيَبْنِي هَيْكَلَ الرَّبِّ. فَهُوَ يَبْنِي هَيْكَلَ الرَّبِّ، وَهُوَ يَحْمِلُ الْجَلاَلَ وَيَجْلِسُ وَيَتَسَلَّطُ عَلَى كُرْسِيِّهِ، وَيَكُونُ كَاهِنًا عَلَى كُرْسِيِّهِ، وَتَكُونُ مَشُورَةُ السَّلاَمِ بَيْنَهُمَا كِلَيْهِمَا." (زك6: 12-13).

في هذه النبوّة يظهر لنا المسيح الملك والكاهن صاحب الجلال والسلطان، الذي سيصنع سلامًا بيننا وبين الله (أف2: 14)، فنكون فيه مبنيّين كحجارة حيّة، ننمو هيكلاً مقدّسًا في الرب (أف2: 21).